کد مطلب:90783 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:127

کتاب له علیه السلام (53)-إِلی معاویة یزهّده فیه بالدنیا















بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمیرِ الْمُؤْمِنینَ إِلی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبی سُفْیَانَ.

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الدُّنْیَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ذَاتُ زینَةٍ وَ بَهْجَةٍ، لَمْ یَصْبُ إِلَیْهَا أَحَدٌ إِلاَّ شَغَلَتْهُ بِزینَتِهَا عَمَّا هُوَ أَنْفَعُ لَهُ مِنْهَا.

وَ بِالآخِرَةِ أُمِرْنَا، وَ عَلَیْهَا حُثِثْنَا.

فَدَعْ، یَا مُعَاوِیَةُ، مَا یَفْنی، وَ اعْمَلْ لِمَا یَبْقی، وَ احْذَرِ الْمَوْتَ الَّذی إِلَیْهِ مَصیرُكَ، وَ الْحِسَابَ الَّذی إِلَیْهِ عَاقِبَتُكَ.

وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالی إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَیْراً حَالَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مَا یَكْرَهُ، وَ وَفَّقَهُ لِطَاعَتِهِ، وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ سُوءاً أَغْرَاهُ بِالدُّنْیَا، وَ أَنْسَاهُ الآخِرَةَ، وَ بَسَطَ لَهُ أَمَلَهُ، وَ عَاقَّهُ عَمَّا فیهِ صَلاَحُهُ.

[صفحه 839]

وَ قَدْ وَصَلَنی كِتَابُكَ، فَوَجَدْتُكَ تَرْمی غَیْرَ غَرَضِكَ، وَ تَنْشُدُ غَیْرَ ضَالَّتِكَ، وَ تَخْبِطُ فی عَمَایَةٍ، وَ تَتیهُ فی ضَلاَلَةٍ، وَ تَعْتَصِمُ بِغَیْرِ حُجَّةٍ، وَ تَلُوذُ بِأَضْعَفِ شُبْهَةٍ.

فَأَمَّا سُؤَالُكَ إِلَیَّ الْمُتَارَكَةَ[1] وَ الإِقْرَارَ لَكَ عَلَی الشَّامِ، فَلَوْ كُنْتُ فَاعِلاً ذَلِكَ الْیَوْمَ لَفَعَلْتُهُ أَمْسِ.

وَ أَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّ عُمَرَ وَلاَّكَهَا، فَقَدْ عَزَلَ مَنْ كَانَ وَلاَّهُ صَاحِبُهُ، وَ عَزَلَ عُثْمَانُ مَنْ كَانَ عُمَرُ وَلاَّهُ.

وَ لَمْ یُنْصَبْ لِلنَّاسِ إِمَامٌ إِلاَّ لِیَری مِنْ صَالِحِ الأُمَّةِ مَا قَدْ كَانَ ظَهَرَ لِمَنْ كَانَ قَبْلَهُ، أَوْ خَفِیَ عَنْهُمْ عَیْبُهُ، وَ الأَمْرُ یَحْدُثُ بَعْدَهُ الأَمْرُ، وَ لِكُلِّ وَالٍ رَأْیٌ وَ اجْتِهَادٌ[2].

فَسُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَشَدَّ لُزُومَكَ لِلأَهْوَاءِ الْمْبْتَدَعَةِ، وَ الْحَیْرَةِ الْمُتَّبَعَةِ، مَعَ تَضْییعِ الْحَقَائِقِ،

وَ اطِّرَاحِ الْوَثَائِقِ، الَّتی هِیَ للَّهِ تَعَالی[3] طَلِبَةٌ، وَ عَلی عِبَادِهِ حُجَّةٌ.

فَأَمَّا إِكْثَارُكَ الْحِجَاجَ فی عُثْمَانَ وَ قَتَلَتِهِ، فَإِنَّكَ إِنَّمَا نَصَرْتَ عُثْمَانَ حَیْثُ كَانَ النَّصْرُ لَكَ،

وَ خَذَلْتَهُ حَیْثُ كَانَ النَّصْرُ لَهُ. وَ السَّلاَمُ.


صفحه 839.








    1. المشاركة. ورد فی البحار للمجلسی ( مجلد قدیم ) ج 8 ص 503.
    2. ورد فی المصدر السابق. و شرح ابن أبی الحدید ج 16 ص 154. و منهاج البراعة ج 20 ص 62. و نهج السعادة ج 4 ص 166.
    3. ورد فی نهج السعادة للمحمودی ج 4 ص 166.