کد مطلب:90783 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:127
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الدُّنْیَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ذَاتُ زینَةٍ وَ بَهْجَةٍ، لَمْ یَصْبُ إِلَیْهَا أَحَدٌ إِلاَّ شَغَلَتْهُ بِزینَتِهَا عَمَّا هُوَ أَنْفَعُ لَهُ مِنْهَا. وَ بِالآخِرَةِ أُمِرْنَا، وَ عَلَیْهَا حُثِثْنَا. فَدَعْ، یَا مُعَاوِیَةُ، مَا یَفْنی، وَ اعْمَلْ لِمَا یَبْقی، وَ احْذَرِ الْمَوْتَ الَّذی إِلَیْهِ مَصیرُكَ، وَ الْحِسَابَ الَّذی إِلَیْهِ عَاقِبَتُكَ. وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالی إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَیْراً حَالَ بَیْنَهُ وَ بَیْنَ مَا یَكْرَهُ، وَ وَفَّقَهُ لِطَاعَتِهِ، وَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ سُوءاً أَغْرَاهُ بِالدُّنْیَا، وَ أَنْسَاهُ الآخِرَةَ، وَ بَسَطَ لَهُ أَمَلَهُ، وَ عَاقَّهُ عَمَّا فیهِ صَلاَحُهُ. [صفحه 839] وَ قَدْ وَصَلَنی كِتَابُكَ، فَوَجَدْتُكَ تَرْمی غَیْرَ غَرَضِكَ، وَ تَنْشُدُ غَیْرَ ضَالَّتِكَ، وَ تَخْبِطُ فی عَمَایَةٍ، وَ تَتیهُ فی ضَلاَلَةٍ، وَ تَعْتَصِمُ بِغَیْرِ حُجَّةٍ، وَ تَلُوذُ بِأَضْعَفِ شُبْهَةٍ. فَأَمَّا سُؤَالُكَ إِلَیَّ الْمُتَارَكَةَ[1] وَ الإِقْرَارَ لَكَ عَلَی الشَّامِ، فَلَوْ كُنْتُ فَاعِلاً ذَلِكَ الْیَوْمَ لَفَعَلْتُهُ أَمْسِ. وَ أَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّ عُمَرَ وَلاَّكَهَا، فَقَدْ عَزَلَ مَنْ كَانَ وَلاَّهُ صَاحِبُهُ، وَ عَزَلَ عُثْمَانُ مَنْ كَانَ عُمَرُ وَلاَّهُ. وَ لَمْ یُنْصَبْ لِلنَّاسِ إِمَامٌ إِلاَّ لِیَری مِنْ صَالِحِ الأُمَّةِ مَا قَدْ كَانَ ظَهَرَ لِمَنْ كَانَ قَبْلَهُ، أَوْ خَفِیَ عَنْهُمْ عَیْبُهُ، وَ الأَمْرُ یَحْدُثُ بَعْدَهُ الأَمْرُ، وَ لِكُلِّ وَالٍ رَأْیٌ وَ اجْتِهَادٌ[2]. فَسُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَشَدَّ لُزُومَكَ لِلأَهْوَاءِ الْمْبْتَدَعَةِ، وَ الْحَیْرَةِ الْمُتَّبَعَةِ، مَعَ تَضْییعِ الْحَقَائِقِ، وَ اطِّرَاحِ الْوَثَائِقِ، الَّتی هِیَ للَّهِ تَعَالی[3] طَلِبَةٌ، وَ عَلی عِبَادِهِ حُجَّةٌ. فَأَمَّا إِكْثَارُكَ الْحِجَاجَ فی عُثْمَانَ وَ قَتَلَتِهِ، فَإِنَّكَ إِنَّمَا نَصَرْتَ عُثْمَانَ حَیْثُ كَانَ النَّصْرُ لَكَ، وَ خَذَلْتَهُ حَیْثُ كَانَ النَّصْرُ لَهُ. وَ السَّلاَمُ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِیٍّ أَمیرِ الْمُؤْمِنینَ إِلی مُعَاوِیَةَ بْنِ أَبی سُفْیَانَ.
صفحه 839.